صحة الرئيس مبارك كانت الشاغل الأكبر لوسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضي. والسبب أن بعض الصحف الأجنبية، وخاصة الأمريكية، تحدثت عن تأخر صحة الرئيس وتناقلت وسائل إعلام محلية هذه المزاعم، كما قامت مؤسسة الرئاسة بالتعليق مؤكدة أن نشاط الرئيس خلال الأسبوع الماضي كان ردا عمليا على هذه المزاعم وتفنيدا كافيا لها.
المتابعة الواسعة لما يتردد من أنباء حول صحة الرئيس بين حين وآخر لابد وأن لها مبرراتها، سواء في خارج مصر أو في داخلها. ولابد أن هناك مصالح كبيرة وصغيرة ترتبط بسلامة صحة الرئيس ومصالح أخرى كبيرة وصغيرة ترتبط بمجرد تكرار الحديث عن صحة الرئيس.
وبديهي أن القوى الكبرى في العالم مثل الولايات المتحدة، والقوى التي تسعى إلى الهيمنة في المنطقة مثل إسرائيل والمصالح الخاصة لعدد من الشركات الأجنبية والمحلية في مصر تهتم أكثر بالاطمئنان على احتمالات استمرار أو تغيير السياسة التي ينتهجها الرئيس أكثر من سلامته الشخصية حرصا منها على مصالحها في مصر وفي المنطقة بوجه عام. والرئيس في مصر هو الواجهة الوحيدة أو الأساسية في سياسة الدولة رغم أنه ليس صاحب السياسة أو صانعها الوحيد، وفي أعلى تقدير يعد أحد الفاعلين المؤثرين أو الأكثر تأثيرا في هذه السياسة،
غير أن الرئيس مبارك، ربما بسبب فترة حكمه الطويلة التي استمرت ما يقرب من ثلاثين عاما، يعتبر أيضا عضوا متميزا في المؤسسة الحاكمة التي تدير مصر وتقرر سياساتها، لأنه يمثل سقفا للطموح وكابحا للصراعات التي ربما تدور بين أعضاء هذه المؤسسة، مما يعني أن الاهتمام الخارجي بصحة الرئيس يحاول استشراف طموح الطامحين واتجاه وحجم الصراعات التي قد تنشأ أو لا تنشأ في حالة غيابه أو عدم قدرته على ممارسة دوره في هذه المؤسسة حتى وإن كان هذا الدور يقتصر على كبح صراع محتمل وتأجيل طموح يعتمل ويؤجل فترة من الغموض وعدم الاستقرار تطول أو تقصر.
نفس زاوية الاهتمام ربما تكون دافعا وراء اهتمام جماعات المصالح في الداخل والتي استفادت من سياسات الدولة وممارساتها أو من تحللها أو مراكز القوى التي نشأت في أجهزتها في عهد الرئيس مبارك على حساب الأغلبية العظمى من فقراء الريف والمدن ومن العمال والمهمشين وصغار الموظفين. فريق من جماعات المصالح تلك يهتم ببقاء واستمرار هذه السياسة، ولكن فريقا آخر ربما يهتم بدفعها أكثر أو تجميلها مع الحفاظ على جوهرها. وتخشى هذه الجماعات من فترة الغموض وعدم الاستقرار المحتملة، كما يخشى أو يتمنى غياب الكابح في الصراع المحتمل حسب موقفه من هذا الصراع.
هذا عن المصالح التي ترتبط بمتابعة صحة الرئيس. أما المصالح التي ترتبط بمجرد الحديث أو عدم الحديث عن صحة الرئيس فهي شتى ومتضاربة. لكنها جميعا تساهم في صناعة الوهم بأن جوهر السياسة التي تمارسها المؤسسة الحاكمة ترتبط بشخص الرئيس، بوجوده الشخصي أو غيابه. وهذه المصالح المتضاربة توجد داخل المؤسسة الحاكمة نفسها والأطراف الخارجية الداعمة أو المتعاونة أو الرافضة لشكل سياسات هذه المؤسسة وإن أيدت جوهرها.
المشكلة أن بعض معارضي الرئيس وسياسات المؤسسة الحاكمة ينساقون وراء هذا الحديث ويصدقون الوهم أو يساهمون في صناعته من خلال المتابعة، خاصة إذا كان هؤلاء المعارضون لا يملكون طرحا بديلا قادرا على كسب معركة تغيير السياسة القائمة تغييرا جوهريا، لأن أي تغيير منتظر سواء في غياب الرئيس أو وجوده سوف يكون تغييرا شكليا إن حدث ولن يمثل إضافة حقيقية مادام البديل الجوهري للسياسة والنظام القائم غير مطروح أو غير قادر على كسب معركته. وإن كان ينبغي على هؤلاء المعارضين شيئا، فهو أن يحاولوا بناء بديلهم الجوهري وتعظيم قدرته حتى يتحول إلى بديل حقيقي ومطروح أيضا، لأنه لا فرق بين أن تخوض معركة خاسرة وأن تسعى وراء أمل كاذب.
رمضان متولي
المتابعة الواسعة لما يتردد من أنباء حول صحة الرئيس بين حين وآخر لابد وأن لها مبرراتها، سواء في خارج مصر أو في داخلها. ولابد أن هناك مصالح كبيرة وصغيرة ترتبط بسلامة صحة الرئيس ومصالح أخرى كبيرة وصغيرة ترتبط بمجرد تكرار الحديث عن صحة الرئيس.
وبديهي أن القوى الكبرى في العالم مثل الولايات المتحدة، والقوى التي تسعى إلى الهيمنة في المنطقة مثل إسرائيل والمصالح الخاصة لعدد من الشركات الأجنبية والمحلية في مصر تهتم أكثر بالاطمئنان على احتمالات استمرار أو تغيير السياسة التي ينتهجها الرئيس أكثر من سلامته الشخصية حرصا منها على مصالحها في مصر وفي المنطقة بوجه عام. والرئيس في مصر هو الواجهة الوحيدة أو الأساسية في سياسة الدولة رغم أنه ليس صاحب السياسة أو صانعها الوحيد، وفي أعلى تقدير يعد أحد الفاعلين المؤثرين أو الأكثر تأثيرا في هذه السياسة،
غير أن الرئيس مبارك، ربما بسبب فترة حكمه الطويلة التي استمرت ما يقرب من ثلاثين عاما، يعتبر أيضا عضوا متميزا في المؤسسة الحاكمة التي تدير مصر وتقرر سياساتها، لأنه يمثل سقفا للطموح وكابحا للصراعات التي ربما تدور بين أعضاء هذه المؤسسة، مما يعني أن الاهتمام الخارجي بصحة الرئيس يحاول استشراف طموح الطامحين واتجاه وحجم الصراعات التي قد تنشأ أو لا تنشأ في حالة غيابه أو عدم قدرته على ممارسة دوره في هذه المؤسسة حتى وإن كان هذا الدور يقتصر على كبح صراع محتمل وتأجيل طموح يعتمل ويؤجل فترة من الغموض وعدم الاستقرار تطول أو تقصر.
نفس زاوية الاهتمام ربما تكون دافعا وراء اهتمام جماعات المصالح في الداخل والتي استفادت من سياسات الدولة وممارساتها أو من تحللها أو مراكز القوى التي نشأت في أجهزتها في عهد الرئيس مبارك على حساب الأغلبية العظمى من فقراء الريف والمدن ومن العمال والمهمشين وصغار الموظفين. فريق من جماعات المصالح تلك يهتم ببقاء واستمرار هذه السياسة، ولكن فريقا آخر ربما يهتم بدفعها أكثر أو تجميلها مع الحفاظ على جوهرها. وتخشى هذه الجماعات من فترة الغموض وعدم الاستقرار المحتملة، كما يخشى أو يتمنى غياب الكابح في الصراع المحتمل حسب موقفه من هذا الصراع.
هذا عن المصالح التي ترتبط بمتابعة صحة الرئيس. أما المصالح التي ترتبط بمجرد الحديث أو عدم الحديث عن صحة الرئيس فهي شتى ومتضاربة. لكنها جميعا تساهم في صناعة الوهم بأن جوهر السياسة التي تمارسها المؤسسة الحاكمة ترتبط بشخص الرئيس، بوجوده الشخصي أو غيابه. وهذه المصالح المتضاربة توجد داخل المؤسسة الحاكمة نفسها والأطراف الخارجية الداعمة أو المتعاونة أو الرافضة لشكل سياسات هذه المؤسسة وإن أيدت جوهرها.
المشكلة أن بعض معارضي الرئيس وسياسات المؤسسة الحاكمة ينساقون وراء هذا الحديث ويصدقون الوهم أو يساهمون في صناعته من خلال المتابعة، خاصة إذا كان هؤلاء المعارضون لا يملكون طرحا بديلا قادرا على كسب معركة تغيير السياسة القائمة تغييرا جوهريا، لأن أي تغيير منتظر سواء في غياب الرئيس أو وجوده سوف يكون تغييرا شكليا إن حدث ولن يمثل إضافة حقيقية مادام البديل الجوهري للسياسة والنظام القائم غير مطروح أو غير قادر على كسب معركته. وإن كان ينبغي على هؤلاء المعارضين شيئا، فهو أن يحاولوا بناء بديلهم الجوهري وتعظيم قدرته حتى يتحول إلى بديل حقيقي ومطروح أيضا، لأنه لا فرق بين أن تخوض معركة خاسرة وأن تسعى وراء أمل كاذب.
رمضان متولي