الأحد، 8 أغسطس 2010

وجود إسرائيل تهديد دائم بالحرب

" إن القول بحق إسرائيل في الوجود يعني في واقع الأمر إقرارا بحق الدولة الصهيونية العنصرية في مواصلة تنفيذ مشروعها الذي يرمي إلى إبادة الشعب الفلسطيني وإخضاع الشعوب العربية لخدمة الهيمنة الغربية على هذه المنطقة." لم ينطق بهذا الكلام أحد الزعماء القوميين أو العروبيين الذين يرفضون قيام إسرائيل ووجودها من حيث المبدأ، وإنما قالته ناشطة سياسية إسرائيلية تدعى تيكفا هونيج-بارناس خلال حوار أجرته معها إحدى البوابات الإلكترونية الألمانية الشهر الماضي.

أما تيكفا نفسها فقد كانت في شبابها المبكر عضوا بالعصابات الصهيونية المسلحة التي قامت بطرد الفلسطينيين من قراهم ومنازلهم قبيل وأثناء نكبة 1948، وكانت آنذاك تلتزم بالمشروع الصهيوني التزاما عقائديا إلى حد التفاني في خدمته. لكنها تحولت عن الصهيونية وأصبحت عضوا قياديا في جماعة ماركسية معادية للصهيونية تدعى "متسبن"، بعد أن اكتشفت من خلال تجربتها السياسية الطويلة أن إسرائيل مؤسسة عنصرية توسعية قائمة على الحرب ولا يمكن تصور وجودها بدون الحرب والعمل في خدمة أهداف القوى الاستعمارية للهيمنة على شعوب منطقة الشرق الأوسط وثرواتها.

منذ زراعتها قسرا في هذه المنطقة، لم تتوقف إسرائيل عن الحرب وعن الاعتداء على أي دولة في إقليم الشرق الأوسط تسعى لامتلاك القوة أو تحقيق استقلال حقيقي لمصلحة شعبها لوأد هذا الطموح في مهده حتى لا يمثل أي تهديد لخططها التوسعية أو لمصالح الاستعمار الاستراتيجية هنا.

إسرائيل لم تتغير كما أثبت الاعتداء الأخير الذي شنته على قرية العديسة في الجنوب اللبناني وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود من الجيش اللبناني، وإن لم يكن الاعتداء الوحيد الذي يؤكد طبيعة إسرائيل القائمة على الحرب. فهذا الاعتداء لم يكن عارضا، ولن يكون نهاية المطاف في خطط إسرائيل الدموية تجاه لبنان التي يجري إعدادها منذ اضطرت مرغمة إلى الانسحاب من الجنوب تحت ضربات المقاومة اللبنانية الباسلة بقيادة حزب الله في عام 2000 بعد احتلال دام 22 عاما، فبعد هذا الانسحاب مباشرة، شن الكيان الصهيوني حربا شعواء ارتكب خلالها جرائم حرب ومذابح لا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني، ودون أن يفرغ من هذه المجازر الوحشية شن عدوانا جديدا على لبنان في يوليو 2006 استطاعت المقاومة اللبنانية البطلة أن تصمد في مواجهته ببسالة أدهشت العالم وكشفت الأقنعة الزائفة لحلفاء إسرائيل من المداهنين والمهادنين والمتآمرين. وهاهو العدوان الجديد يمهد لموجة أخرى من التصعيد ضد لبنان انتقاما لانكسار الجيش الصهيوني وعجزه عن حسم المواجهة أمام المقاومة في عام 2006.

أما تيكفا فقد دللت على النزعة العدوانية الأصيلة في إسرائيل وطابعها التوسعي والاستعماري بحكاية بسيطة كشفت عن أن وجود هذا الكيان العنصري الذي يعزز نفسه بأيديولوجية تستند إلى خرافات وأساطير الماضي يمثل خطورة دائمة على أحلام وآمال شعوب المنطقة في السلام والأمن والحرية.

قالت المرأة لمحاورها: "سوف أعطيك مثالا من تجربتي الخاصة، ذهبت خلال العام الماضي إلى حفل في مدرسة حفيدي بشمال تل أبيب، في منطقة تتسم بطابعها الليبرالي والعلماني يسكنها أبناء طبقة برجوازية أغلبهم يمنحون أصواتهم لأحزاب اليسار الصهيوني في الانتخابات، مثل حزب العمل أو حزب ميريتس، وكان الحفل إحياء لذكرى القتلى من الجنود الإسرائيليين ويحضره جميع التلاميذ وعائلاتهم وأسر الجنود القتلى. وبدأ الحفل بقيام ولد يرتدي الكيبة (الطاقية اليهودية) في مدرسة يفترض أنها علمانية ليقرأ من الكتاب المقدس أن الله قال لأبراهام انظر من مكانك الذي تقف فيه إلى الشمال والجنوب والشرق والغرب لأن كل الأرض التي تقع عليها عيناك أعطيها لك ولنسلك إلى الأبد." هذا ما يتعلمه الأطفال في مدارس إسرائيل لتظل عقيدة الحرب والتوسع الصهيونية قائمة ما قام هذا الكيان.